الوزير بنسعيد يرصد 170 مليون درهم للألعاب الإلكترونية ويهمّش المقاولات الصحفية الصغرى

نونبر 3, 2025 - 14:41
 0
.
الوزير بنسعيد يرصد 170 مليون درهم للألعاب الإلكترونية ويهمّش المقاولات الصحفية الصغرى

تيليغراف.ما - الرباط 

في وقتٍ ما تزال فيه المقاولات الصحفية الصغرى محرومة من حقها في المشاركة في المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار، التي نظمتها وزارة الثقافة والشباب والتواصل، اختارت هذه الأخيرة أن تُقصي جزءًا مهمًا من الجسم الإعلامي الوطني، رغم أن هذه المقاولات الصغيرة أصبحت درعًا متقدمًا في مواجهة الحملات المعادية لوحدة المملكة الترابية، خصوصًا تلك التي يشنها الإعلام الجزائري وصنيعته البوليساريو عبر مختلف المنصات.

وبينما تعاني هذه المؤسسات من غياب الدعم وصعوبة الوصول إلى موارد الإشهار، اختارت وزارة بنسعيد توجيه ميزانية ضخمة نحو تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث نصّ مشروع قانون المالية لسنة 2026 على تخصيص 170 مليون درهم لهذا القطاع.

الوزارة عللت هذا التوجه، الذي وصفه تقرير نجاعة الأداء بـ"المؤشر الاستراتيجي المهم"، بكونه يهدف إلى خلق بيئة محفزة للابتكار والاستثمار من خلال تمويل مشاريع محددة، أبرزها مواصلة إحداث “مدينة الألعاب الإلكترونية”، وتنظيم النسخة الثالثة من معرض المغرب للألعاب الإلكترونية (Morocco Gaming Expo)، إضافة إلى إطلاق برامج للتكوين والاحتضان لفائدة الفاعلين في المجال.

ويبقى هذا التوجه يثير الكثير من التساؤلات، خاصة وأن قطاع الألعاب الإلكترونية في المغرب يبقى في جوهره قطاعًا استهلاكيًا يخدم مصالح الشركات الكبرى المنتجة للألعاب وأجهزتها أكثر مما يخدم الاقتصاد الوطني.

 فبحسب بيانات "ستاتيستا"، أنفق المغاربة ما يقارب 2.27 مليار درهم (227 مليون دولار) على ألعاب الفيديو عام 2024، وهي سوق يهيمن عليها الشباب ما بين 14 و35 سنة بنسبة 70%.

 أما الإنتاج المحلي، فيواجه صعوبات تمويلية حادة، إذ أوضح مطوّر مغربي لقناة الجزيرة أن تطوير لعبة متوسطة على الهاتف يتطلب ميزانية تتراوح بين 600 ألف ومليوني درهم، في ظرف عام واحد وبفريق صغير لا يتجاوز عشرة أفراد.

وتكشف هذه الأرقام أن سوق الألعاب في المغرب تخدم بالأساس صالات الترفيه والشركات الأجنبية، فيما تبقى القطاعات الوطنية الحقيقية، وعلى رأسها الإعلام المحلي والمقاولات الجهوية الصغرى، في الهامش رغم دورها المحوري في مواجهة التضليل والإشاعات القادمة من خصوم الوحدة الترابية. فهذه المؤسسات، المنتشرة خصوصًا في الأقاليم الجنوبية، تخوض معركة ميدانية يومية ضد الأخبار الزائفة التي يروجها الإعلام الجزائري الممول بسخاء من نظام العسكر لتشويه هوية وتاريخ المغرب والتحريض على الوحدة الترابية للمملكة.

ورغم ارتفاع عدد الشركات الناشئة في صناعة الألعاب الإلكترونية من شركتين إلى 25، فإن حجم التشغيل والأرباح ما زال غامضًا، في وقت تصف فيه مؤسسات اقتصادية دولية السوق المغربية بأنها "استهلاكية ناشئة"، بعيدة عن التجارب الرائدة في الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، حيث البنية التحتية المتكاملة والتراكم التكنولوجي التاريخي.

وفي المقابل، تستمر المقاولات الصحفية الصغرى والجهوية في مواجهة ضغوط قاسية بسبب احتكار شركات التواصل الاجتماعي لسوق الإعلانات الرقمية، وحرمانها من نصيبها من الإشهار العمومي الذي تستفيد منه فقط المؤسسات الكبرى المحظوظة.

 الوزير المهدي بنسعيد، إن الأولوية اليوم ليست في إنشاء “مدينة ألعاب إلكترونية”، بل في دعم المقاولات الإعلامية الجهوية والصغرى، التي تشكل خط الدفاع الأول عن المغرب وصورته في الفضاء الرقمي.

 إن السياسة الحالية لوزارتك تهدد بتقويض تعددية الإعلام وضربه في الصميم، في وقت يحتاج فيه الوطن إلى إعلام قوي ومهني ومتعدد، لا إلى استثمارات ترفيهية موجهة لقطاع رفاهي لا يمثل أولوية في حياة المواطن المغربي الباحث عن المعلومة الصحيحة والموثوقة.