سالمة رمال... الصحافية التي تربعت على عرش الأغنية الحسانية

يناير 5, 2025 - 00:34
 0
.
سالمة رمال... الصحافية التي تربعت على عرش الأغنية الحسانية

هي واحدة من أبرز الفنانات الصحافيات اللواتي استطعن أن يتركن بصمة متميزة في عالم الأغنية الحسانية، حيث تربعت على عرش هذا الفن العريق الذي يعكس جمال وثقافة الصحراء المغربية. نشأت في قبيلة آيت أوسى بإقليم آسا الزاك، وهناك تشربت الثقافة الحسانية الأصيلة، ما جعلها تتشبع بكل تفاصيلها وأصواتها وألوانها. لم تؤمن منذ البداية بالموهبة فقط، بل صقلتها بالبحث الأكاديمي المتواصل، فحصلت على إجازتين في الأدب العربي والصحافة، ما مكنها من توظيف معارفها الأكاديمية بشكل احترافي في تقديم الأغنية الحسانية إلى جمهور واسع. هذه المزيج الفريد من الإبداع الفني والتكوين الأكاديمي جعل منها صوتًا مميزًا يحمل رسالة ثقافية وفنية عميقة. إنها الفنانة "سالمة رمال".

الأغنية الحسانية في خدمة الوحدة الترابية

في عوالم سالمة رمال، لا يجب النظر إلى الفن على أنه محض زُخرفٍ صوتي، أو ترفٍ إيقاعي، وإنما من حيث هو مقام رسالي ينهل من روح الالتزام ويستضيء بنور الحقيقة. فبخلاف المنظور الشكلاني الذي يحصر الموسيقى في أطر جمالية محضة، تؤمن سالمة رمال بأن الفن هو حضرة معنوية، ومنبر ينطق بالحق، ووسيلة للدفاع عن القضايا العادلة، كما أصل لذلك فلاسفة الالتزام أمثال سارتر وماركس. ولهذا السبب اختارت أن تُعمّد أغانيها بروح الوطنية، فجعلتها نشيداً للوحدة وجسراً يعبر فوق الفُرقة، حيث تغنت بالثوابت الوطنية، واستحضرت في إيقاعاتها نبض الأرض وحقيقة الانتماء. الفنان الصادق، من منظور سالمة رمال، مرآة للوطن، والموسيقى في عُرفها رسالة تناغم تعكس وحدة التراب والروح، كاتحاد الصوفي مع المعنى الأسمى. وبهذا الإيمان، تحوّل صوتها إلى صرخة عشق للوطن، وإلى نفَس صادق يُحيي في القلوب يقين الوحدة وقداسة الأرض.

الهارمونيا الصوفية في موسيقى سالمة رمال

تتجلى البنية الإيقاعية والنغمية - في أغاني سالمة رمال - كرقصة أزلية بين الأرواح، حيث تمتزج المؤثرات الأفريقية العميقة بنبض الإيقاعات الأمازيغية ورهافة النغم العربي، لتُصاغ ضمن أفق ينفتح على هارمونيا البلوز وجرأة الروك. على السلم الخماسي، الذي يشكل قوام الموسيقى الحسانية، تُشيّد سالمة عالماً صوتياً يمزج بين أصالة الماضي وحداثة الحاضر، حيث تتردد أصداء الصحراء كذكرٍ صوفي يعبر الزمان والمكان. في كل مقطع من أغانيها، يُسمع صدى الكثبان وهي تبوح بحكاياتها، ويُحسّ بنبض الأرض وهي تُعانق الريح. ألحانها لا تكتفي بأن تلامس الآذان، بل تغوص بالروح نحو أغوارها، وتعرج بها نحو أعالي الوجدان، لتصبح موسيقاها جسراً ينقل المستمع من صمت التأمل إلى نشوة الكشف، ومن رتابة اليومي إلى قدسية التجربة. هكذا، تتحول أغانيها إلى سفر داخلي، يمزج بين إيقاع الحياة وحقيقة الوجود.