هل تعيد سياسات ترامب التجارية إنتاج "أزمة البرازيل" في أميركا؟

في ظل التصعيد المستمر للإجراءات الحمائية التي تتبعها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تتزايد التحذيرات من انعكاسات هذه السياسات على مستقبل الاقتصاد الأميركي، وسط مقارنات متزايدة مع التجربة البرازيلية التي تعد من أبرز الأمثلة على فشل الانغلاق التجاري.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، فإن البرازيل، التي تُعد من بين أكثر الدول فرضا للرسوم الجمركية، تعاني اليوم من ارتفاع كبير في أسعار السلع، وتراجع في التنافسية، وضعف في الإنتاجية، وهو ما يجعلها نموذجا واقعيا لما يمكن أن تؤول إليه الولايات المتحدة إذا واصلت السير في المسار ذاته.
وتشير الصحيفة إلى أن الحواجز الجمركية الشديدة والقيود البيروقراطية المعقّدة في البرازيل، حولت الاقتصاد إلى بيئة مغلقة تثقل كاهل المستهلكين، حيث تُباع المنتجات الأجنبية بأسعار خيالية، رغم أن الكثير منها يصنع أو يجمع محليا.
وعلى سبيل المثال، يباع هاتف آيفون 16 المُجمع في البرازيل بسعر يقارب ضعف النسخة المباعة في الولايات المتحدة، في حين تبلغ أسعار بعض المنتجات الغذائية المستوردة مثل الشاي أو شراب القيقب أرقاما فلكية، نتيجة لنظام جمركي خانق وآليات صرف معقدة.
وتلفت البيانات إلى أن مساهمة الصناعة التحويلية في الاقتصاد البرازيلي تراجعت من 36 بالمائة في منتصف الثمانينيات إلى أقل من 14 بالمائة حاليا، وهو ما وصفه خبراء الاقتصاد بـ"التصنيع المبتسر"، أي الدخول في الصناعة دون بنية قادرة على الاستدامة والمنافسة.
وفي هذا السياق، حذر وزير المالية البرازيلي الأسبق من أن السياسات التي ينتهجها ترامب اليوم تُشبه ما اعتمدته أميركا اللاتينية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي سياسات أثبتت فشلها.
ورغم الفوارق بين البرازيل والولايات المتحدة، خصوصا من حيث جودة البنية التحتية ومرونة النظام الضريبي، إلا أن استمرار واشنطن في فرض الرسوم الجمركية بنسب مرتفعة على شركائها التجاريين، وخصوصا الصين، قد يقود إلى نتائج مشابهة من حيث ضعف التنافسية وزيادة الأسعار وتآكل القدرة الإنتاجية.