هدم مبنى كلف بناؤه الملايير ببسكورة يثير الجدل
في واقعة غير مسبوقة أثارت جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والحقوقية، أقدمت السلطات المحلية ببوسكورة على تنفيذ قرار هدم مشروع سياحي ضخم يُعرف بـ"قصر الضيافة"، بلغت كلفة تشييده حوالي 16 مليار سنتيم، وذلك بناءً على إشعار تم تبليغه عبر تطبيق “واتساب”، بدل اعتماد المساطر الإدارية الرسمية المعمول بها.
القرار الذي وُصف بـ"المفاجئ" و"غير المسبوق" في طريقة تبليغه، خلّف صدمة كبيرة لدى صاحب المشروع والرأي العام المحلي، خاصة وأن البناية كانت تُعد من أبرز المشاريع الاستثمارية التي يُعوّل عليها لتوفير عشرات فرص الشغل وتنشيط الحركة السياحية بمنطقة بوسكورة، التابعة ترابياً لإقليم النواصر.
الجدل لم يتوقف عند مسألة الهدم في حد ذاتها، بل امتد إلى الطريقة التي تمت بها مراسلة صاحب المشروع، وهو ما اعتبره حقوقيون ومهتمون بالشأن المحلي "مساسا خطيرا بالشفافية الإدارية" و"تجاوزاً للمساطر القانونية"، إذ تساءل العديد من المعلقين كيف يُعقل أن تُتخذ قرارات تهم استثمارات بملايير الدراهم، عبر تطبيق للتراسل الفوري، دون إشعار رسمي أو وثائق إدارية واضحة.
وفي خضم هذا الجدل، كتب الصحفي رضوان الرمضاني على صفحته بموقع فيسبوك معلقاً على الواقعة: "من البارح وأنا كنشوف صور وفيديوهات ديال هدم مبنى ضخم في بوسكورة. اللي فهمت من تصريحات مالك المبنى أن تكاليف البناء وصلت 16 مليار سنتيم!!!!! واللي فهمت كذلك أن المشكل هو العلو ديال البناية اللي مخالف للتصميم والرخصة".
وأضاف الرمضاني "عندي سؤال: واش ما شافوش المخالفة حتى سالا البني؟ ماشي المفروض كتكون مراقبة أثناء الأشغال؟. واش ما كانتش شي طريقة أخرى للتسوية تفاديا لإهدار 16 مليار ترجع غبرة وعجاج؟. أنا مع القانون، ولكن كيفاش كنطبقو القانون على بناية ب16 مليار وما نقدروش نطبقوه على قهوة داية النص فالطروطوار؟. فجميع الحالات، المفروض أن السلطات العمومية تشرح، رسميا، ملابسات هاد الملف.”
تصريحات الرمضاني لاقت تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن القانون يجب أن يُطبق على الجميع دون استثناء، ومن يعتبر أن طريقة التطبيق كانت قاسية ومهينة للاستثمار، خصوصا في منطقة كانت تسعى إلى جذب المستثمرين وتنمية المجال السياحي.
من جانبه، خرج صاحب المشروع عن صمته في تصريحات صحفية، معبّراً عن استغرابه من سرعة القرار وطريقة التنفيذ، قائلا: "لم أتلق أي إنذار مكتوب أو استدعاء رسمي قبل عملية الهدم، والسلطات مارست تعسفا حين هدمت السور الخارجي لقصر الضيافة بدل الدخول من البوابة الرئيسية، مما جعل الأجهزة والسلع عرضة للسرقة. هذا القرار متسرع وقاس".
وأضاف أن السلطات تتعامل بازدواجية في تطبيق القانون، متسائلا "هناك عمارات بُنيت بدون رخص ولم تُهدم، وهناك من استولى على أراضي الدولة وشيد فوقها بنايات ولم يطله أي قرار. فلماذا يتم التعامل بهذه الصرامة معنا فقط".
ويعيش الرأي العام منذ أمس الأربعاء، على وقع نقاش واسع حول الواقعة التي تفتح من جديد ملف العلاقة بين الإدارة والمستثمرين في المغرب، وطريقة تدبير القرارات التي تمس مشاريع ضخمة كان يُعوّل عليها في تحريك عجلة التنمية.
كما عبر عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن تعاطفهم مع صاحب المشروع، متسائلين عن غياب المراقبة خلال سنوات البناء الست التي استغرقها تشييد القصر، وعن دور السلطات المحلية التي لم تتدخل إلا بعد اكتمال الأشغال.
وتبقى الأسئلة مفتوحة إلى حين صدور توضيح رسمي من الجهات المعنية، في قضية يرى كثيرون أنها تختزل مفارقة غريبة بين صرامة القانون وانتقائية تطبيقه، وتعيد النقاش حول الحاجة إلى إدارة أكثر تواصلاً وشفافية في تعاملها مع المستثمرين والمواطنين على حد سواء.



















































