البرلمان يصادق بالأغلبية على تقييد التبليغ عن الفساد ومنح الصفة الضبطية لأعوان السلطة
صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، مساء اليوم، بالأغلبية، على تعديلين مثيرين للجدل ضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية، وذلك وسط انقسام حاد بين مكونات الأغلبية والمعارضة، واحتجاج فاعلين في المجتمع المدني اعتبروا التعديلات تراجعا عن المكتسبات الدستورية في مجال الحكامة ومحاربة الفساد.
وشمل التعديل الأول المادة الثالثة من مشروع القانون، التي تقضي بمنع جمعيات المجتمع المدني من التبليغ عن قضايا الفساد والاختلالات المتعلقة بالمال العام، حيث أصر وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، على رفض جميع المقترحات التي تقدمت بها المعارضة وعدد من النواب المستقلين لتوسيع نطاق حق التبليغ، معتبرا أن الحكومة حسمت في الأمر بعد نقاش داخلي طويل.
وأكد وهبي خلال مداخلته أمام اللجنة أن التبليغ عن هذه الجرائم يجب أن يظل حصرا على المؤسسات الرسمية المخول لها ذلك قانونا، كالمفتشيات العامة والمجلس الأعلى للحسابات، موضحا أن هذا التوجه يأتي لضمان جدية المتابعة والتثبت من المعطيات.
وقد خلف هذا التعديل ردود فعل غاضبة من طرف فرق المعارضة، التي عبّرت عن رفضها لما اعتبرته تضييقا غير مبرر على دور المجتمع المدني في محاربة الفساد، وتنصلا من الالتزامات الدستورية والدولية للمغرب في هذا المجال، خصوصاً ما يتعلق بتشجيع التبليغ وتعزيز الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
أما التعديل الثاني، فيتعلق بمنح صفة الضابطة القضائية لخلفاء القواد والمقدمين، وهي خطوة دافع عنها وزير العدل بقوة، مؤكدا أنها تستند إلى معطيات واقعية وتجارب ميدانية، لا سيما في المناطق القروية والنائية التي تعرف نقصا في الأطر القضائية والإدارية.
واستشهد وهبي بما وقع خلال زلزال الحوز، حين اضطرت السلطات إلى الاستعانة بخلفاء القواد لتوثيق حالات الوفاة والقيام بمهام شبه قانونية في غياب الصفة الرسمية، مما تسبب في تعقيدات إدارية وقانونية، على حد تعبيره.
وأشار الوزير إلى أن وزارة الداخلية دعمت هذا التوجه، وأكدت في مذكرتها أن هؤلاء الأعوان هم أول من يوجد في عين المكان عند وقوع الأحداث، مما يجعل منحهم هذه الصفة إجراء عمليا وضروريا لتجاوز العراقيل المرتبطة بتوثيق الوقائع والاستجابة السريعة للحوادث في المجال القروي.
في المقابل، عبرت فرق معارضة عن تخوفها من التوسع في منح صلاحيات الضبط القضائي لأشخاص لا يتوفرون على تكوين قانوني كاف، وبعضهم لا يحملون صفة الموظف الرسمي، مما قد يطرح إشكالات قانونية تتعلق بالأهلية والمسؤولية، وطالبت بتقييد هذا الإجراء بشروط دقيقة لضمان سلامة المساطر القضائية.



















































