رأي: جيل جديد ومطالب قديمة ونخب مهترئة
تيليغراف.ما - الرباط
لا أحد ينكر أن قطاع الصحة ليس بخير، ولن يكون في حال أفضل بين ليلة وضحاها، لأن ما أفسدته الدهور لا تصلحه الشهور، ولا جدال في أن التعليم بدوره يحتاج إلى تضافر كل الجهود لإصلاحه، من المدرسة إلى الأسرة، مرورا بجميع المتدخلين، فمسار الإصلاح ليس بتلك السهولة التي نتخيلها.
لن ندعي أن جميع المدبرين نزهاء، ولكن في المقابل لا يجوز أن نعمم الاتهام ونقول إنهم جميعا فاسدون، ليست كل الأمور على ما يرام، ولكنها أيضا ليست بهذا السوء، فالمغرب مقارنة بمحيطه، يسير بخطى ثابتة نحو الأفضل.
مطالب جيل Z ليست جديدة، بل هي نفس المطالب التي ينادي بها المواطنون والمجتمع المدني منذ سنوات، وهي نفسها التي نجدها ضمن البرامج الانتخابية للأحزاب، ويتبناها المنتخبون في المؤسسات الرسمية، واليوم يمكن الحديث عن انطلاق عدة برامج إصلاحية، خاصة في مجالي التعليم والصحة.
ففي التعليم، نعيش تجربة مهمة بدأت تعطي ثمارها بوضوح في المؤسسات الابتدائية، ويجري حاليا تعميمها على مستوى التعليم الإعدادي، ونتحدث هنا عن "مؤسسات الريادة".
أما في قطاع الصحة، فقد شرعت الدولة في إصلاح المراكز والمستشفيات بوتيرة سريعة، وأطلقت مشروع التغطية الصحية الشاملة، وبالنسبة للموارد البشرية، التي تعد العمود الفقري للقطاع وأحد أبرز أسباب اختلالاته، فقد تم رفع أعداد الطلبة في كليات الطب بكل الجهات، مما من شأنه أن يخفف من هذا النقص في أفق خمس سنوات على الأكثر.
لا نقول إن إصلاح جميع القطاعات سيحل كل المشاكل، لكن المطلوب اليوم منا جميعا، ومن كل من يتحمل المسؤولية، أن يفكر بعقلية الجيل الجديد، الجيل الذي لا يمكن أن ندير شؤونه بأفكار أكل عليها الدهر وشرب، لا يمكننا أن نستمر في التعامل مع المواطنين في الإدارات بعقلية متحجرة وبيروقراطية قاتلة، كما لا يجوز أن ندبر كل مرحلة بنفس الوجوه، ونفس البروفايلات، ونفس العقليات التي ملها الناس.
من يشاهد بعض قيادات الأحزاب والنقابات، التي عمرت لعقود، قد يفقد الأمل، لا في السياسة فقط، بل في الحياة العامة برمتها، وكأن المغرب بلد عقيم، لا ينتج إلا نفس الأشخاص، لكن الحقيقة أن المغرب له من الكفاءات النزيهة ما يكفيه"اويشيط الخير" واليوم يجب ان تعطى لهم الفرصة لأن الوطن في حاجة إلى كل أبنائه وخاصة شبابه.
الشباب اليوم عازف عن السياسة وعن أحزابها، كما أنه غير منخرط في المجتمع المدني وجمعياته، له اهتمامات مختلفة تماماً عن تلك التي نظنها، جيل Z هم أبناء هذا الوطن ومستقبله، نعم، ربما نكون قد اكتوينا في الأيام الأخيرة بشيء من ناره وشغبه، سواء عن وعي منه، أو نتيجة استغلاله من قبل أطراف لا تهمها مصلحة الوطن، لكن لا ينبغي أن نخدر أنفسنا بالقول إن "الأمور بخير"، ونمضي.
نبض الشارع إنذار صحي، علينا أن نتعامل معه بجدية، فالوقاية خير من العلاج، ولا نريد أن نصل إلى مرحلة العلاج بالنار، فاخر الدواء الكي.
وأخيرا، نعم للمطالبة بالحقوق بطرق حضارية وسلمية، ولا وألف لا للتخريب والهمجية.


















































