المكتب الشريف للفوسفاط .. هل حان الوقت للتغيير على رأس OCP؟
منذ سنوات، يحظى مصطفى التراب، المدير العام للمكتب الشريف للفوسفاط، بحضور قوي في المشهد الاقتصادي والإعلامي بالمغرب، مستنداً إلى خطاب "النجاح الاقتصادي" الذي يُقدَّم كمفخرة وطنية لا تقبل النقد. غير أن هذا البريق يخفي وراءه جوانب معتمة تثير تساؤلات جوهرية حول تدبيره لأكبر مجمع فوسفاطي في العالم.
منذ نشر موقع le360 تقريراً انتقادياً حول تدبير التراب لل ocp ، سارعت مواقع إعلامية مقربة منه، واخرى تستفيد من شراكات مالية سخية مع المكتب الشريف للفوسفاط عبر إعلانات تُقدَّر بالملايين، إلى إطلاق حملات تلميع لصورته. هذه المنابر اختارت الدفاع عن الرجل الذي يتقاضى أجوراً ضخمة من المال العام، مقابل تجاهل مساءلة الأداء الحقيقي للمؤسسة التي يديرها، في خضم ذلك، يتم توزيع ميزانيات الإعلانات العمومية بعناية على الجرائد والمواقع التي تروج لصورة إيجابية للتراب، بعيداً عن الاهتمام بالمصالح الاستراتيجية للمكتب ومردوديته الاجتماعية والاقتصادية.
في فترة الحجر الصحي خلال جائحة كورونا، تصاعد الجدل حول اسم التراب بعد تداول مقطع فيديو منسوب إليه، يُظهر رجلاً على متن يخت في حفل خاص أحيته الراقصة مايا. لاحقاً، نفت الراقصة مايا بشكل صريح أن يكون مصطفى التراب هو الشخص الظاهر في الفيديو، مما أسقط هذه التهمة عنه، لكنه لم يمنع الانطباع العام عن انقطاع المسؤولين عن هموم المواطنين في عز الأزمة الصحية، وفتح النقاش حول صورة الشخصيات العمومية ومدى التزامها بأخلاقيات المرفق العام.
ورغم تصنيفه كأكبر منتج للفوسفاط وامتلاكه لأكبر احتياطي عالمي لهذه الثروة الاستراتيجية، إلا أن عائدات المجمع لا تنعكس بما يكفي على الاقتصاد الوطني مقارنة بدول تمتلك احتياطيات أقل بكثير. هذا التفاوت يطرح تساؤلات مستمرة حول شفافية تدبير الثروة الوطنية وحجم استفادة المغاربة منها فعلياً.
في سابقة لافتة، طالب الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، باستدعاء مصطفى التراب رفقة وزيرة الانتقال الطاقي، ليلى بنعلي، إلى البرلمان لمساءلته حول أنشطة المكتب. البرلمان وضع يده على نقطة حساسة: توسع المكتب الشريف للفوسفاط في مجالات لا تمت بصلة لمهمته الأصلية في استخراج وتحويل الفوسفاط، مثل الهندسة والاستشارات وتطوير المنظومات الصناعية، ما يُعتبر انحرافاً عن الدور الاقتصادي المحدد له.
أما على المستوى البيئي والدولي، فقد عرضت القناة الفرنسية M6 تحقيقاً كشف عن وجود مادة سامة تدعى الكادميوم في الطعام المستهلك بفرنسا، محملاً جزءاً من المسؤولية لأسمدة مستخرجة من الفوسفاط المغربي. وبحسب التقرير، فإن هذه المادة، رغم كونها طبيعية، إلا أن ارتفاع نسبتها قد يؤدي إلى أمراض الكلى وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وسرطان الرئة وضعف العظام. ويشير التحقيق إلى أن مصنعي الأسمدة في فرنسا يشترون الفوسفاط من المغرب، الذي يتوفر على نسبة أعلى من الكادميوم مقارنة بفوسفاط دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية. استخدام هذه الأسمدة في الزراعة يرفع من نسبة الكادميوم في المنتجات الغذائية مثل الخبز والحبوب والمعكرونة والخضروات والفواكه.
ولا تقتصر الإشكالات البيئية على الخارج، بل تمتد داخل المغرب، حيث يُتهم مصنع المكتب الشريف للفوسفاط بمدينة آسفي بالتسبب في مستويات عالية من التلوث الهوائي والبحري. سكان آسفي اشتكوا مراراً من انبعاث الغازات والروائح الكريهة، إضافة إلى تأثيرات المصب الصناعي على البحر، ما يضر بالثروة السمكية وجودة الحياة الصحية في المنطقة، دون أن تقابل هذه الأضرار بتعويضات ملموسة أو سياسات جادة لحماية البيئة المحلية.
إن مساءلة المكتب الشريف للفوسفاط ليست تهديداً للاقتصاد الوطني، بل خطوة ضرورية لتحريره من الاحتكار الغامض الذي بات يمارسه تحت غطاء النجاح والريادة ليبقى السؤال المطروح هو: الم يحن الوقت لتعيين كفاءة شابة على رأس المجمع الشريف للفوسفاط ؟



















































